باسم الجبهة... تكلّمت ليلى
تطلق الصالون بودكاست جديد يجمع بين مراجعة ونقاش مذكرات وكتابات كانت المرأة فيها شاهدة وفاعلة في آنٍ معًا
في "حضرة البلاد"، بدأنا الحكاية من نقطة الفقد: كيف تعيش الأجيال اللاحقة للنكبة شعور الرحيل دون أن تشهد لحظة الانفصال عن الأرض؟ وكيف تحمل "البلاد" في ذاكرتها دون أن تراها؟ وكيف تصبح الكلمة ذاتها، "البلاد"، مرآة نرى من خلالها العودة إلى الأرض التي عاش عليها الأجداد، وتُبقي الحنين حيًّا، لا بوصفه ماضيًا، بل فعلَ مقاومةٍ للزوال والنسيان؟
إن توق الفلسطيني إلى العودة إلى القرى والبلدات التي هُجّر منها عام 1948 جزء لا يتجزأ من كينونته ووجوده في الشتات. وهذا ما دفع الفدائية ليلى خالد إلى تحقيق حلم العودة إلى حيفا؛ فحين اختطفت طائرة من مطار روما، أمرت قائدها بالتحليق فوق فلسطين. بعد واحدٍ وعشرين عامًا على تهجيرها القسري عادت ليلى إلى سماء فلسطين، لكنها لم تعُد إلى أرضها بعد.
ومن تلك المرآة التي تطلّعنا عبرها إلى الوطن المفقود، نفتح اليوم نافذةً جديدة تُطلّ على المرأة؛ على الكيفية التي تتحوّل بها الذاكرة، والكتابة، والسيرة الذاتية إلى ساحةٍ لمعركةٍ من نوع آخر. فمعركتنا في "بودكاست المرآة" ليست مع الزمن وحده، بل مع سرديّاته أيضًا. إذ إن كل امرأة كتبت مذكّراتها في لحظةٍ مفصليةٍ من تاريخ هذه المنطقة، كانت تخوض مواجهة مزدوجة: أن تقول "أنا" في زمنٍ يعلو فيه صوت الرجال، وأن تكتب "نحن" من خلال تجربتها الشخصية.
ننطلق في "المرآة" في رحلة لاستكشاف الانعكاساتٍ التي خلّفتها التحوّلات السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة في تاريخ منطقتنا؛ نسردها بعيونٍ وأقلامٍ نسائية عاصرت وشهدت هذه التغيّرات.
يرافق كل حلقة من حلقات "بودكاست المرآة" مراجعة يكتبها خالد منصور، وتناقشها دينا عزت في حوارٍ تلتقي فيه صورة المرأة عن ذاتها مع تصوّراتها عن الجماعة، من خلال شهاداتٍ كُتبت بحبرٍ نسائي.
نبدأ مع ليلى خالد، التي لم تُكتب سيرتها بقرارٍ ذاتي، بل كُتبت بقرارٍ من قيادة الجبهة الشعبية. هكذا وُلد كتاب "شعبي سيحيا: مذكّرات خاطفة الطائرات". فهل يمكن للمرأة أن تتكلّم باسم "الجبهة" دون أن تفقد صوتها؟ هل سمعنا صوت ليلى حقًّا؟ أم سمعنا فقط صدى ما أرادت "الجبهة" أن يُقال؟
في الحلقة الأولى، "باسم الجبهة... تكلّمت ليلى"، نسائل هذا النص لا بوصفه وثيقةً سياسية فحسب، بل باعتباره سرديةٍ تتقاطع فيها الذاكرة السياسية والحنين، العنف والسلاح، الذاتي والجمعي، العودة والنفي. نطرح أسئلة تحفّز على إعادة قراءة هذا النص الإشكالي: ما معنى أن تكون المرأة فاعلةً في عمل فدائي يُكتب عنه من داخل بنية تنظيمية؟ كيف تحضُر فلسطين في خطاب المقاومة وتجلّيات الحنين الذي لا يهدأ؟ ومتى يصبح العنف لغةً ضرورية وأداةً نضالية؟ هل تحدّت ليلى الصور النمطية أم أعادت إنتاجها؟ كيف يمكن مقارنة هذه المذكرات بتجارب نساء أخريات كتبن عن الحرب والمنفى؟
ندعوكم للتعرف على إجابات هذه الأسئلة وأكثر في هذه الرحلة الصوتية الأولى من "بودكاست المرآة"، حيث كانت البداية من فلسطين.
دمتم بخير،
رهام عمرو